إن البناء وتحديد الأهداف الإيجابية والمحصلة المطلوب تحقيقها في الأجيال على سبيل التفصيل أفضل من التفصيل في المخاطر التي تهدد الشباب.
نعم نحتاج إلى التنبيه على المخاطر والتحديات ونقاط الضعف ولكن بشكل إجمالي، حتى لا ينصرف الوعي إليها فتنطبع في اللاشعور أكثر من الأمور المطلوبة والمرغوبة.
وذلك وفقًا لقاعدة منطقية وذوقية رفيعة تقول : ( النفي مجملاً والإثبات مفصلاً)وقد أكد عليها الإمام ابن تيمية في العقيدة التدمرية في سياق إثبات الأسماء الحسنى والصفات العليا لله تعالى حيث جاءت في الكتاب والسنة بأسلوب (النفي المجمل والإثبات المفصل) هكذا في الخطاب الإرشادي والتعامل مع من يخشى منه الخطأ والانحراف والجريمة.
فكلمة \”مكافحة\” وكلمة \”لا\” وكلمة \”التحذير من\” وكلمة \”التخلص من\” يتم استبدالها بالنقيض المطلوب تحصيله، فبدل أن أقول: أخاف على ولدي من الفشل، يجب أن أرشده إلى النجاح تفصيلاً، والتحذير من الفشل لا يناسب أن يكون إلا على سبيل الإجمال من حين لآخر وليس بشكل مستمر.
فالنجاح في السعي إلى الكمال وتحقيق الذات في كل جوانب الذات المشروعة، الجسد، والدين، والعقل، والنسل، والمال، هو أهم الحاجات المطلوبة.
ولا شك في أن من يسعى إلى ذلك سيكون أقدر ـ بإذن الله ـ على تجاوز الأخطار التي تهدد عقله كالمخدرات التي تسري بعد إتلاف العقل، إلى إتلاف دينه ونفسه وعرضه وماله.
في مجتمعنا السعودي الشباب يتجه اليوم إلى تغيير ثقافة العمل لديه من الأفق التقليدي إلى الأفضل، إلى ثقافة العمل بكل أبعاده منذ أن يكون قادرًا على تحمل المسؤولية يبادر إلى تحصيل المال من خلال العمل المشروع في مختلف مجالات الحياة؛ لأن طموحاته أكبر من مجرد الحصول على وظيفة من الوظائف العامة، وهذا يمكن تحصيله بالتدرج في الحياة العملية، ففي بلدان كثيرة حول العالم لا يسمح للولد بالبقاء في منزل الوالدين بعد بلوغه سن الرشد وتحمل المسؤولية الفردية، فيضطر للعمل المسائي بالدوام الجزئي في المطاعم والمحلات وغيرها، وهكذا تتكون لديه خبرة متدرجة وناضجة، وأنا لا أطالب الأسر بعدم السماح للأولاد بالبقاء في المنزل، بل أطالب بالسماح لهم بدخول الحياة العملية مبكرًا، ولكل موجه دور في نشر ثقافة العمل، أيًا كان موقعه في الأسرة والمسجد والتعليم والإعلام. وكلمة وزير العمل الدكتور القصيبي حين قال: \”إن السماء لا تمطر وظائف\” كلمة معبرة ساهمت في تصحيح المفاهيم الخاطئة حول ثقافة العمل المشوهة.
أيضًا يطمح الشباب إلى تيسير أمر الزواج، والتبكير فيه، فأولياء البنات عليهم أن يزوجوا الشباب الذين يرضون دينهم وأخلاقهم، ولو لم يصلوا إلى العقد الثالث من العمر. ليتعاون الزوج والزوجة في بناء حياتهم مبكرًا، ويستقلوا عن الأسر التي لم تقصر معهم خلال مرحلة الطفولة وما قبل البلوغ.
من العيوب الأخلاقية العجز والكسل التي يعيشها بعض الشباب فينتظر وظيفة عامة ولو بألف ريال أو ألفين، ويعجز عن الضرب في الأرض والبحث عن عمل يدر بضعة آلاف شهريًا أو بضعة عشر ألف أحيانًا.
وبقدر ما يهدد الأجيال القادمة من مخاطر التواصل والانفتاح على العالم، بقدر ما ينتج هذا التواصل من نضج ومناعة في مواجهة التحديات واستثمار لفرص التقنية والمعلوماتية لتيسير كثير من الأمور التي كانت تصعب على الأجيال السابقة، فإذا فشل عشرة بالمئة من الطلاب فقد نجح تسعون بالمئة ولله الحمد. والعاقل من ينظر إلى الناجح كيف نجح، أكثر من أن ينظر إلى الفاشل كيف فشل. ولكل شيء ثمن.
بقلم : سلمان بن أحمد العيد