• 02:29:10am

أحدث الموضوعات

استبدال كسوة الكعبة المشرفة بثوب جديد.. اليوم

تعليقات : 0

أصداء الخليج

458670

مكة المكرمة – أصداء وطني :

تمّت، اليوم، عملية استبدال كسوة الكعبة المشرفة الحالية بكسوة جديدة؛ جرياً على العادة السنوية في اليوم التاسع من ذي الحجة من كل عام؛ حيث قام منسوبو الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بإشراف مدير عام المصنع الدكتور محمد باجودة ووكيل المصنع ومدير الإنتاج، بإنزال ثوب الكعبة القديم واستبداله بثوب جديد تم صناعته من الحرير الخالص في مصنع كسوة الكعبة المشرفة.

وجرت عملية استبدال الكسوة بحضور منسوبي الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف ومصنع كسوة الكعبة المشرفة؛ حيث قاموا بنقل الثوب الجديد إلى الحرم الشريف والمكون من أربعة جوانب مفرقة وستارة الباب؛ حيث تم رفع كل جنب من جوانب الكعبة الأربعة على حدة، إلى أعلى الكعبة المشرفة، ثم فردها على الجنب القديم وتثبيت الجنب من أعلى بربطها من العراوي، وإسقاط الطرف الآخر من الجنب.

وبعد أن تم حل حبال الجنب القديم، بتحريك الجنب الجديد إلى أعلى وأسفل في حركة دائمة، أُزيح الجانب القديم من أسفل وبقى الجانب الجديد، وتم تكرار العملية أربع مرات لكل جانب إلى أن اكتمل الثوب؛ إثر ذلك تم وزن الحزام على خط مستقيم للجهات الأربع بخياطته.

وتشتمل الكسوة على ستارة باب الكعبة، ويطلق عليها “البرقع”، وهي معمولة من الحرير بارتفاع ستة أمتار ونصف وبعرض ثلاثة أمتار ونصف، مكتوب عليها آيات قرآنية ومزخرفة بزخارف إسلامية مطرزة تطريزاً بارزاً مغطى بأسلاك الفضة المطلية بالذهب.

وتتكون الكسوة من خمس قطع، تغطي كل قطعة وجهاً من أوجه الكعبة المشرفة، والقطعة الخامسة هي الستارة التي توضع على باب الكعبة، ويتم توصيل هذه القطع مع بعضها.

وتمر صناعة الكسوة بعدة مراحل هي: مرحلة الصباغة التي يتم فيها صباغة الحرير الخام المستورد على هيئة شلل باللون الأسود أو الأحمر أو الأخضر، ومرحلة النسيج ويتم فيها تحويل هذا الشلل المصبوغة إما إلى قماش حرير سادة ليُطبع ثم يطرز عليه الحزام أو الستارة، أو إلى قماش حرير جاكارد، المكوّن لقماش الكسوة ومرحلة الطباعة، ويتم فيها طباعة جميع الخطوط والزخارف الموجودة بالحزام أو الستارة على القماش بطريقة السلك سكرين؛ وذلك تمهيداً لتطريزها، ومرحلة التجميع ويتم فيها تجميع قماش الجاكارد لتشكل جوانب الكسوة الأربعة، ثم تثبت عليه قطع الحزام والستارة تمهيداً لتركيبها فوق الكعبة المشرفة.

وتتم هذه المراحل في جميع أقسام المصنع المتمثلة في: أقسام الحزام، والنسيج اليدوي، والنسيج الآلي، والطباعة، والأعلام، والستارة، والصباغة، ويعمل بها أكثر من مائتي موظف من الكوادر السعودية المؤصلة والمدربة على هذه الصناعة المميزة.

وينتج المصنع الكسوة الخارجية والداخلية للكعبة المشرفة، إضافة إلى الأعلام والقطع التي تقوم الدولة بإهدائها لكبار الشخصيات.

وتعد الكعبة المشرفة أصل مدينة مكة المكرمة؛ حيث تقع في وسط المسجد الحرام، ثم نشأت حول البيت الحرم مدينة مكة المكرمة التي صارت موطن قبيلة قريش وذرية إسماعيل عليه السلام، كما تقع الكعبة المشرفة في مركز الكرة الأرضية، ويعلوها في السماوات العلى البيت المعمور الذي تطوف حوله الملائكة، ويقال: إن الملائكة هم الذين قاموا ببناء الكعبة قبل خلق الإنسان، بعد أن أذن لهم الله تعالى بذلك.

وظلت مندثرة فترة من الزمن تحت الرمال؛ حتى عيّن الله سبحانه وتعالى موقع البيت لسيدنا إبراهيم عليه السلام وساعده في عمارتها سيدنا إسماعيل عليه السلام، وكان ذلك منذ قرابة أربعة آلاف عام، وبناء سيدنا إبراهيم يُعَد البناء الثاني للكعبة المشرفة؛ حيث ورد في القرآن الكريم أن سيدنا إبراهيم وابنه سيدنا إسماعيل رفَعَا قواعد البيت؛ مما يدل على أنه كان موجود قبْلَ ذلك، وهو البناء الذي شيده الملائكة المكرمون وكانت الكعبة التي بناها إبراهيم عليه السلام بناء ذا جوانب أربعة، ارتفاعها تسعة أذرع، وكان بابها إلى الأرض، وجعل سيدنا إبراهيم عليه السلام في جدارها حجراً أسود علامة على بداية الطواف حولها، ثم أمر الله تعالى نبيه إبراهيم عليه السلام بأن يؤذن في الناس بالحج، وقد أسمع الله تعالى جميع خلقه هذا النداء.

وتَفَضّل الله سبحانه وتعالى فجعل هذا البيت حرماً طاهراً آمناً يلجأ إليه الناس ويأمنون فيه على أنفسهم. وقد أسمت العرب الكعبة المشرفة بعدة أسماء منها البيت الحرام، والبيت المحرم والبيت العتيق، وأصبحت الكعبة بعد السنة الثانية من الهجرة النبوية الشريفة قبلة المسلمين، يتجهون إليها في صلاتهم.

أما الكعبة المشرفة في ظل الإسلام؛ فقد أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم)، بعد فتح مكة بتطهير الكعبة من الأصنام والصور، وكساها بكسوة من اليمن، وأمر بتطييبها، ولم يكن للكعبة في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) سور يحيط بها؛ بل كانت بيوت أهل قريش تحيط بها وتفتح على المطاف الذي يحيط بجسم الكعبة، ولم يحدث تغيير يُذكر في عمارة الكعبة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا في عهد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

وظلت كسوة الكعبة المشرفة تُرسل إلينا من مصر عبر القرون؛ باستثناء فترات زمنية قصيرة، إلى أن توقف إرسالها نهائياً من مصر سنة 1381هـ.

واختصت المملكة العربية السعودية بصناعة كسوة الكعبة المشرفة إلى يومنا هذا؛ حيث أصدر في مستهل شهر محرم 1346هـ الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن – رحمه الله – أوامره بإنشاء دار خاصة بصناعة الكسوة، وأنشئت تلك الدار بمحلة أجياد أمام دار وزارة المالية العمومية بمكة المكرمة، وتمت عمارتها في نحو الستة أشهر الأولى من عام 1346هـ؛ فكانت هذه الدار أول مؤسسة خُصصت لحياكة كسوة الكعبة المشرفة بالحجاز منذ كُسيت الكعبة في العصر الجاهلي إلى العصر الحالي.

وأثناء سير العمل في بناء الدار كانت الحكومة السعودية تقوم من جانب آخر، ببذل الجهود لتوفير الإمكانيات اللازمة للبدء في وضع الكسوة التي تتألف من المواد الخام اللازمة لمصنع الكسوة من حرير ومواد الصباغة، ومن الأنوال التي ينسج عليها القماش اللازم لصنع الكسوة، وقبل كل ذلك وبعده الفنيون اللازمون للعمل في شتى المراحل.

وعلى الرغم من أن هذه العناصر الأساسية التي يجب توفرها لمصنع الكسوة، لم يكن أي منها متوفراً لدى المملكة حين ذاك؛ فقد بذلت الحكومة السعودية جهوداً كبيرة في سبيل توفيرها في الوقت المناسب، وقد تَحَقّق لها ذلك حيث تم بناء المصنع الجديد من طابق واحد في ستة أشهر.

وفي أول رجب من نفس العام 1346هـ، وصل من الهند إلى مكة المكرمة اثنا عشر نولاً يدوياً، وأصناف الحرير المطلوبة، ومواد الصباغة اللازمة لذلك، والعمال والفنيون اللازمون، وكان عددهم ستين عاملاً؛ أربعون منهم من “المعلمين” الذين يجيدون فن التطريز على الأقمشة، وعشرون من العمال المساعدين.. وعند حضورهم إلى مكة المكرمة نُصبت الأنوال ووُزعت الأعمال وسار العمل على قدم وساق في صنع الكسوة وتطريزها، حتى تمكنوا من إنجازها في نهاية شهر ذي القعدة عام 1346هـ.

وقد صُنعت تلك الكسوة على غرار الكسوة المصرية؛ فكانت على أحسن صورة من حسن الحياكة وإتقان الصنع وإبداع التطريز، يزينها الحرير الأسود الذي نُقشت عليه “لا إله إلا الله محمد رسول الله” على شكل رقم (8)، وفي أسفل التجويف “يا الله”، وفي الضلع الأيمن من أعلى الرقم (8) “جل جلاله”، وكذلك في أعلى الضلع الأيسر “جل جلاله”.

أما الحزام فكان عرضه مثل عرض الحزام الذي كان يُعمل في مصر، مطرزاً بالقصب الفضي المموه بالذهب.. أما تلك الكتابات التي كُتبت على الحزام فهي نفس الآيات القرآنية التي كانت تكتب على حزام الكسوة المصرية في جميع جهاتها؛ باستثناء الجهة الشمالية المقابلة لحجر إسماعيل عليه السلام؛ حيث كُتب على الحزام من تلك الجهة العبارة التالية: “هذه الكسوة صُنعت في مكة المباركة المعظمة، بأمر خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود ملك المملكة العربية السعودية”.

وأما البرقع (ستارة باب الكعبة المشرفة)؛ فقد صُنِع أيضاً على غرار البرقع المصري وكتبت عليه نفس الآيات القرآنية والعبارات التي كانت تكتب على برقع الكسوة المصرية؛ باستثناء المستطيلات الأربعة التي تتوسط البرقع، والتي كان يكتب عليها عبارة الإهداء في الكسوة المصرية؛ حيث استبدل بها قوله تعالى: {وقل جاء الحق وزهق البطل إن البطل كان زهوقاً، وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً} [سورة الإسراء: 81- 82]، ثم أضيفت في ذيل البرقع دائرتان صغيرتان مكتوب في داخلهما عبارة: “صنع بمكة المكرمة سنة”.

وقد كُسيت الكعبة المشرفة في ذلك العام 1346هـ، بهذه الكسوة التي تعتبر أول كسوة للكعبة تُصنع في مكة المكرمة.

وظلت دار الكسوة بأجياد تقوم بصناعة الكسوة الشريفة منذ تشغيلها في عام 1346هـ، واستمرت في صناعتها حتى عام 1358هـ. ثم أغلقت الدار، وعادت مصر بعد الاتفاق مع الحكومة السعودية إلى فتح أبواب صناعة الكسوة بالقاهرة سنة 1358هـ، وأخذت ترسل الكسوة إلى مكة المكرمة سنوياً حتى عام 1381هـ، ثم أعيد فتح المصنع، وظل يقوم بصنع الكسوة الشريفة إلى عام 1397هـ.

ونُقل العمل في الكسوة إلى المصنع الجديد، الذي تم بناؤه في أم الجود بمكة المكرمة، ولا تزال الكسوة الشريفة تُصنع به إلى يومنا هذا.

.

أضف تعليقك

برجاء الكتابة باللغة العربية فقط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    التغريدات