ندوة “الفهد والشباب”: الشعور بالآلام خارطة طريق لصناعة القيادة
تعليقات : 0
أصداء الخليج
جدة – أصداء وطني :
اختُتمت في جامعة الملك عبدالعزيز مساء اليوم الندوات المصاحبة لمعرض وفعاليات تاريخ الملك فهد بن عبدالعزيز، بندوة بعنوان “الفهد والشباب”، سلطت الضوء على التطور الكبير الذي شهده قطاع الشباب في عهد الملك فهد –رحمه الله-، وحرصه على تنمية الشباب علمياً ومعرفياً، انطلاقاً من إدراكه لأهمية بنائهم وإعدادهم لقيادة السعودية نحو المستقبل.
وأبرزت الندوة التي أدارها أمين مؤسسة العنود الخيرية، الدكتور يوسف بن عثمان الحزيم، بمشاركة منظم مؤتمرات “تيدكس” في جدة بندر بن عبدالحليم المطلق، ومؤلف كتاب “دام” ومدير برامج الريادة في “باب رزق جميل” هاشم بن خالد داغستاني، أهمية روح المبادرة والسعي لتحقيق الريادة لدى الشباب، عبر طرح الأفكار الإبداعية، وتحويلها إلى فرص لمشاريع استثمارية حقيقية ناجحة، وذلك بعرض عدد من النماذج الناجحة للشبان المبادرين خلال الندوة.
وخاطب “الحزيم” في مستهل الندوة الحضور قائلاً: إن الملك فهد –رحمه الله- تخطى ظروف الزمان والمكان؛ إذ كان حتى قبل أن يتسلم مقاليد الحكم في عهد إخوته الملوك (سعود، فيصل وخالد) مديراً تنفيذياً للدولة التي عرفت التنمية بعد ذلك في عهده بتشييد مؤسسات التعليم بمراحله كافة، والمطارات والبنية التحتية والسكك الحديدية؛ ليصبح الملك فهد “أبو التنمية”.
من جهته، تناول هاشم داغستاني أوصاف القيادة والقائد، قائلاً: إن القائد هو من لديه مشروع وفكرة، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة تجسيد القيم. فالإنسان كي يصبح قائداً ليس بالشيء الصعب؛ لأن قيادات المجتمع إذا أصبحت لديهم ثقافة التغيير فمن السهل أن ينجزوا، وأن يستمروا في نهجهم القيادي. مشدداً على ضرورة أن نوجد بذور القيادة بالطفل عندما تعطيه أسرته مساحة للرأي وحرية التعبير؛ لأن هذه المبادئ ضرورية لكي يصبح قائداً.
وأضاف “داغستاني”: الإبداع يولد من رحم المعاناة.. والحمد لله، لدينا شباب نفخر بهم، أصحاب فكر إيجابي. فالقيادة تأتي من الأدوار الإيجابية، وفي مقدمتها الخُلق الطيب، وصفات الصدق والقيم والمبادئ الحميدة. فعندما سئلت السيدة عائشة – رضي الله عنها – عن خلق الرسول – صلى الله عليه وسلم – قالت “كان قرآناً يمشي على الأرض”. فكل صفات الأخلاق فيه. فحري أن نستند إليها مرجعاً في حياتنا وفي سلوكياتنا.. ولا قيمة للقيادة بدون خلق.. وعلينا أن نعكس هذا المفهوم في حياتنا اليومية.
ويرى “داغستاني” أن جزءاً من صناعة القائد هو “الألم”؛ فالرسل عليهم السلام لم يكن طريق دعوتهم لتوحيد الله بالشيء السهل، بل واجهوا صنوف المتاعب وأنواع الآلام لنشر دعوتهم، وتحقيق ما أمرهم الله به. قائلاً: إن الأهم هو تحويل هذه الآلام إلى تصرفات تشعر بالأمل، وهذا ما يعرف بالقراءة الحقيقية للآلام. مشدداً على ضرورة توريث القيم القيادية للغير، وهذا ما جُبل عليه الملك فهد –رحمه الله-؛ إذ صار على نهجه القيادي وسياسته الإدارية أخواه من بعده (الملك عبدالله –رحمه الله- والملك سلمان –حفظه الله-)؛ إذ يتم تخليد الشخصية القيادية بعد رحيلها بتعليم من يقودهم هذا القائد؛ إذ يلتمسون منه التوجيه، ويتعلمون منه فنون القيادة وإدارة مختلف شؤون العمل.
وبدوره، اعتبر بندر المطلق القائد، سواءً كان تابعاً أو متبوعاً، لديه تراكمات وتجارب متوالية، استطاعت تقديمه كشخصية قيادية؛ إذ تولد لديه الفكرة، وينفذها في وسط يتسم بظروف معينة، بمعنى أنه “لا يوجد قائد على كفوف الراحة”؛ فلا بد من التجارب الصعبة التي يخوضها الشخص في رحلته نحو القيادة.
وأوضح أنه من سمات القائد تحويل الأفكار إلى واقع، مستشهداً في الصدد ذاته برحلاته إلى خارج السعودية، وبالأخص لدول أوروبا في مسيرته العملية؛ إذ إن هذه المجتمعات تركز على تحويل الأفكار إلى مبادرات، وتنفيذها على أرض الواقع؛ إذ إن الشباب السعودي في أمسّ الحاجة إلى ممارسة مثل هذه المفاهيم. مضيفاً بأن أهم مميزات القائد أن يكون صاحب خلق ومقدرة على التواصل في المنظمة التي يعمل فيها.
وأوصى “المطلق” بقراءة سير العظماء لتعزيز مفهوم القيادة؛ فالقائد الحقيقي هو الذي يظهر في الأزمات ومواجهته لها، وهذه من صفات المؤمن “إذا أصابته سراء شكر، وإذا أصابته ضراء صبر”. وعادة ما تصيب الأزمات موقعاً معيناً، وفي ظروف تلامس حياة معينة لدى الشخص؛ ليعيد عبرها حساباته إذا أراد التغلب عليها. فالأزمة تصنع في الإنسان أحاسيس معينة، لا بد أن يحولها لنتائج إيجابية.