نظمت مجموعة كلنا رسامون المعرض التشكيلي الواقعي بنسخته الثانية، في جمعية الثقافة والفنون بالأحساء، وذلك لمدة سبعة أيام بدأ من الأحد الموافق 13 مارس إلى غاية يوم السبت 19 مارس.
صحيفة “إصداء الخليج” التقت بالفنان الدكتور راضي بن صالح الطويل، وعن المعرض قال: كان المعرض مدهشًا ومتميِّزًا لأكثر من سبب، بدءا بالعدد الكبير الذي ضم قائمة المشاركين (46 فنانا وفنانة)، الأمر الذي انعكس بدوره على ذلك الكم الهائل من الأعمال الفنية التي ضمها مكان العرض (صالة الفنان الراحل محمد الصندل في جمعية الثقافة والفنون في الأحساء). هذا إلى جانب المشاركة اللافتة لعدد الفنانات الذي فاق كثيرًا عدد زملائهن من الفنانين، إذ بلغ عدد الفنانات المشاركات ست وثلاثين فنانة، في مقابل عشرة فنانين فقط.
وأضاف، وقد كان مدهشًا ـ بذات القدر ـ ذلك الحضور العريض للجمهور الذي شهد حفل الافتتاح، إعجابًا وتقديرًا للفن ومبدعيه، لكنما يحز في النفس ذلك الرحيل المبكر والمفاجئ للأستاذ علي بن عبد الرحمن الغوينم مدير جمعية الثقافة والفنون في الأحساء (رحمه الله تعالى)، بعد أن رعى حفل الافتتاح (ربما بيوم، أو أكثر قليلًا)، إذ شاء الله أن تكون تلك الرعاية الكريمة ختامًا لمسيرةِ حياةٍ حافلة بالخير والعطاء والإبداع، في حين خلَف في قلوب محبيه مشاعر الألم والحسرة والحزن، وذكريات جميلةٍ، وطيفاً لا يغيب.
ولا أنسى ـ هنا ـ التنظيم الجميل للأعمال الفنية المشاركة، والذي استطاع توظيف مساحات العرض على نحو متوازن، هذا على الرغم من كثرة الأعمال من ناحية، وضيق مساحة صالة العرض من ناحية أخرى، ما برهن على أن التنظيم المذكور قد تم على نحو مدروس بعناية، وذلك من طرف الجهة المنظمة، ولعلّي أخص بالذكر هنا الفنان محمد المحمد، والفنان ماهر الحمود.
اتخذ المعرض عنوانه من مصطلح “الفن الواقعي”..، وذلك في إشارة إلى الفن الذي يحاكي الواقع، أو الفن المستمد من أرض الواقع، وهذا ما ينسحب على جميع الأعمال الفنية المعروضة، على الرغم من تفاوت بعضها عن البعض الآخر في نسبة تمثيلها للواقع المرئي، أو في مدى محاكاتها لهذا الواقع. حيث يغلب على معظم اللوحات ميلها للمدرسة الواقعية فائقة الدقة، فضلًا عن وجود عدد قليل من اللوحات الكلاسيكية ذات الطابع المثالي، إلى جانب وجود بعض اللوحات ذات الاتجاه الانطباعي أو التأثيري، ولوحة واحدة تنتمي للمدرسة السريالية.
وأردف، تعود نشأة “المدرسة الواقعية فائقة الدقة” إلى أوائل السبعينيات من القرن الميلادي الماضي، وقد تعزز انتشارها خلال العقدين الأخيرين. ويعتمد فنانوا هذه المدرسة (أو هذا الاتجاه) على استخدام الصور الفوتوغرافية كمصدر مرجعي لإنجاز لوحات فنية أشدّ وضوحًا، وتميزت بتفاصيل أكثر دقة، إلى جانب عناية هؤلاء الشديدة بمساحات النور والظلال، وعلى نحو يمنح عناصرهم تجسيدًا يفوق الواقع، فتبدو للمتلقي وكأنها أشكال منحوتة (لا مجرد رسوم فوق الورق أو القماش)، ما يتطلب منهم وقتًا وجٌهدًا مضاعفًا، وقدرًا عاليًا من المهارات.
وأكد، بأن أصحاب هذا الاتجاه يستخدمون كغيرهم من الرسامين: الألوان وأقلام الفحم والرصاص، بينما يفضل بعضهم الاستعانة بفرشاة الـ (أير برش)، وبعض برامج الرسم الرقمي، وذلك بغرض تحقيق مستويات أداء عالية جدًّا من حيث التلوين، ومن حيث دقة النقل الحرفي عن الأصل، والحرص الشديد على إبراز التفاصيل، إلى حد قد يفوق الأصل. وتمثل لوحات البورتريه (صور الأشخاص) الموضوعات الأكثر تفضيلًا لدى فناني “المدرسة الواقعية فائقة الدقة”، الأمر الذي ينطبق على غالبية المشاركين فيما يبدو، وانعكس ـ بدوره ـ على لوحات المعرض. ولو أن أصحاب هذا الاتجاه بصفة عامة، يتناولون في أعمالهم ـ أيضًا ـ موضوعات أخرى متنوعة، مثل موضوعات المناظر الطبيعية، والمباني، والطبيعة الصامتة، ومشاهد الحياة اليومية والاجتماعية، وغير ذلك من موضوعات تعبيرية متعددة.
وأفاد قائد مجموعة “كلنا رسامون” (الجهة المنظمة) الفنان التشكيلي محمد المحمد بأن المعرض بنسخته الثانية واقعي كموضوع، بأساليب مختلفة، ويتضمن ركن مرسم فني، ومكتبة فنية، ومجسمات بمضمون واقعي.
وقال: إن المجموعة تسعى من خلال أنشطتها عمل ما يفيد الفنان المشارك والزائر على حدا سواء، من ضمنها عمل ركن سينمائي، لعرض مقاطع فنية تثقيفية عامة.
أما الفنان التشكيلي ومعلم التربية الفنية “جميل عايش البطيان” قال: مشاركتي في المعرض تمثلت في نقل البيئة الفنية من البيت إلى المعرض بدون أي تكلف ولا تصنع، ليعمل بسجيته، وذلك لتعريف الجمهور ببيئة الفنان التشكيلي الحقيقية.
وأوضحت الفنانة التشكيلية مريم المسيليم، بأنها شاركت في المعرض من خلال إعلان مجموعة كلنا رسامون على عن إقامة المعرض على وسائل التواصل الاجتماعي، وأن هذه النسخة من المعرض يحتوي على أسماء شبابية جديدة أثبتت وجودها، وكذلك تطور مستوى فنانين في الواقعية بشكل ملحوظ.
وناشدت “المسيليم” القائمين على المعارض الفنية، بإقامة ورش تدريبية فنية أكاديمية باحترافية، والتوضيح للوصول للواقعية بصورة أكبر، وناشدت باحتواء المعرض على مكتبة فنية للتغذية المعرفية.