في الأيام الماضية كان من ضمن أحاديث الناس وتساؤلاتهم هو قرار روسيا بيع الغاز بالروبل الروسي وليس بأي عملة أخرى، وماذا يعني ذلك؟

على مدى تاريخ الحروب التي خاضتها البشرية يتبين أن المعادلات تتغير، معادلات سياسية ومعادلات اقتصادية ولا يمكن التنبؤ ماذا سيحدث أثناء الحروب من انعقاد تحالفات جديدة ومن تفكك تحالفات لها ثقلها قبل الحروب، ومتغيرات اقتصادية الكثير منها يكون مفاجئ ولم يكن في الحسبان، وغير ذلك من كوارث تعاني منها الشعوب وتبقى آثارها المؤلمة وعواقبها السيئة حتى بعد إنتهاء الحروب بسنوات عديدة.

وحسب مركز الفكر الاقتصادي في بروكسل،أن قيمة صادرات الغاز الطبيعي الروسي إلى الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن (545 مليون دولار) يوميًا، وهو يعني وفق القرار الروسي أن تكون مدفوعات مشتريات الغاز الروسي بالروبل وليس بعملة أخرى، أن يدفع الاتحاد الأوروبي أكثر من  55 مليار روبل روسي يوميا حيث أن الدولار يساوي 102 روبل، فمن أين يأتي الاتحاد الاوربي بهذه الكمية الهائلة من العملة الروسية، خصوصا إذا علمنا أنه لا يمكن حالياً تأمين كمية الروبل المطلوبة من أسواق العملات الأجنبية، وسيحتاج المشترون على الأرجح اللجوء للبنك الروسي المركزي لتسديد مدفوعاتهم، وبذلك سيطلبون  منه هذه الكمية مقابل الدولار الأمريكي واليورو الأوروبي، والخيار الثاني هو الذهب مقابل الروبل، وإذا علمنا أن البنك المركزي الروسي عليه عقوبات اقتصادية ومن ضمنها وقف تعامله بنظام سويفت ( SWIFT ) لتحويل الأموال، وهو يعني أن البنوك الروسية لن تكن قادرة على التواصل بشكل آمن خارج حدودها، ويحد من صادرات روسيا ووارداتها وغير ذلك، وبالتالي يكون الخيار الثاني موجوداً مع عدم استبعاد الخيار الأول بطريقة أو بأخرى.

إن حصل ذلك يعني رفع الطلب على العملة الروسية، وبالتالي زيادة قيمتها كما أن روسيا سيكون لديها كمية هائلة جدا من الدولار الأمريكي واليورو الأوروبي، كذلك إمتصاص إحتياطي الذهب من البنوك المركزية الأوروبية وبالتالي سيدخل الروبل الروسي على خط تحديد الأسعار عالمياً ويكون له وجود رئيسي لا يمكن التغافل عنه.

 وبذلك ووفق هذا السيناريو قد يكون العالم مقبل على تغيرات اقتصادية والتي بدورها تؤدي إلى تغيرات سياسية، فالاقتصاد كان ولا زال المحرك الأكثر ديناميكية في عجلة السياسة.

الكاتب والصحفي / بدر العنزي – الكويت

@baderkwi

Bader_press@hotmail.com