اذا كانت شواهد التاريخ تؤكد أن التعددية الدينية هي التي تسمح بإقامة الحكم وتنفيذ القوانين في أي مكان تتفاوت فيه العقائد سواء الدينية أو الثقافيه أو الاجتماعية إلا أن البعض يرى أن وجود تلك التعددية وسيلة مهمة للبناء وتحقيق مستهدفات التنمية والازدهار في أي مجتمع من المجتمعات المعاصرة.
إن مفهوم التعددية الدينية داخل أي بلد يعني ضرورة فرض التعايش السلمي بين أصحاب تلك المعتقدات لنبذ النزاعات الدينية وتحقيق مبادئ التعايش والمواطنة وفرض التواصل الفكري والتسامح مع عدم المساس بحقوق وحريات الآخرين وصون كرامتهم.
إن من أكثر الدول التي تتميز بالتعددية الدينية الهند والتي تسعى أن تكون دولة عظمى كون الفكر التعددي نشأ هناك و وجد من يدعمه ومن أصحاب ذلك الفكر ( غاندي) الذي كان يؤكد أن بلده ارض للتعايش بين مختلف الأديان والمذاهب والعبادات رغم أنه كان يرى أن احترامه لكافة الأديان والمذاهب والمعتقدات يجب أن يتوازى مع فرض القانون وتطبيق مبادىء العدالة من أجل تحقيق ذلك التعايش وخلق قوة للدولة كونها تحترم شعوبها ولا تمس حرياتهم الدينية أو الثقافيه أو الفكرية.ان التعايش السلمي بين الأديان هو من يخلق التسامح والود والوفاق بين أفراد المجتمع المدني كون اي إنسان له حريه ديانته ويعبد ربه على طريقته دون المساس أو الأضرار بالآخرين أو نبذهم.
يقول الله عز وجل ( يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله اتقاكم) مما يؤكد أن التنوع العرقي والاختلاف الفكري والتعدد الديني يحب أن لا يكون سبباً في العداوة والبغضاء والتطرف و إقصاء الآخر.إن من أهم عوامل الاستقرار السياسي في أي دولة نامية هو المحافظة على وحدة الدولة من خلال عدم المساس بأي طائفة دينية وخلق فرضية قبول التعددية للحفاظ على الاستقرار السياسي وضمان وحدة الدولة حتى لا تتحول الأوطان الى ساحة لتصفية الحسابات والصراع.
ومن يقراء التاريخ النبوي يرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم اول من اسس دستور مدني في المدينة المنورة ويؤثقه ( أن هذا كتاب من محمد النبي بين المؤمنين والمسلمين من أهل قريش وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم ) كون ذلك الكتاب أكد مبدأ المواطنه فوضعت به حقوق يتساوى بها المسلمون مع غيرهم من أهالي المدينة ومن حولها. إن تنظيم الحياة داخل المجتمعات المدنية يكرس مفهوم الأمة الواحدة لتحقيق مبدأ المساواة والعدالة لأن تلك التعددية الدينية تسمح بالاستقرار السياسي كون ذلك التعايش والتجانس يهدف إلى تحقيق الأمن لكي تستمر وتيرة الحياة لأن التعددية هي نواة مصدر القوة للنظام الحاكم وتقليل حدة تلك الاختلافات العقائدية.
إن الاعتراف بالتعددية الدينية يساهم في خروج جيل واعي متعايش مع الآخر ولا يسمح لنفسه بالتدخل في ايدولوجيات اي ديانه والسعي في مساعدة اي نظام قائم لتحقيق الرفاهية والازدهار وتفعيل خطط التنمية.
ومن أهم مؤشرات الاستقرار السياسي في أي بلد هو وجود المؤسساتية من خلال الفصل بين السلطات الثلاث. واحترام سيادة القانون.والبعد عن الانفراد بالقرار وخلق جيل قادر على فهم معاني الاختلاف والسماح بالتعايش.
إن قدرة أي نظام سياسي على التعامل الإيجابي مع الأزمات وقبول التعددية الدينية وعدم استخدام العنف والتسلط من أهم أسباب الازدهار والتقدم في بناء مجتمع قوي يبحث عن تحقيق مؤشرات إيجابية للتنمية المستدامة.