رغم بدائية وسائل الاتصال والتواصل بين الناس في عهد النبوَّة إلا النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم استخدموا وسائل ومراكز إعلامية كثيرة ومتعددة في تبليغ رسالة الإسلام، ودعوة الناس لدين الحق، فلم يترك النبي صلى الله عليه وسلم وسيلة للتواصل إلا استخدمها ، ولم يفوت فرصة سانحة إلا استغلها، استقبل الوفود، وتحدث في المجالس، وخاطب الناس سرا وعلانية، في السراء والضراء، في الشدة والرخاء، ودعاهم لدعوة الحق لإخراجهم من الظلمات إلى النور.
اتسمت دعوته صلى الله عليه وسلم بعدة مراحل إعلامية، فبدأ بدعوة أهل بيته رضوان الله عليهم، ثم الأقرب فالأقرب، وممن آمن به في هذه المرحلة خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق، رضي الله عنهم جميعا.
ولأن هذه المرحلة تقتضي أخذ الكثير من الحيطة والحذر من الناحية الإعلامية في نشر أي دين جديد، بحكم تعصب الناس لعبادة الأصنام من جهة، وجبروت سادة قريش في تلك الفترة من جهة أخرى ، فقد اتخذ صلى الله عليه وسلم من دار الأرقم بن أبي الأرقم مركزا إعلاميا سريا، ينشر منه دعوة الإسلام، ويعلم فيه من آمن به من الصحابة رضي الله عنهم الدين، طيلة مدة تقارب ثلاث سنوات قبل الجهر بالدعوة.
بعد الجهر بالدعوة، والهجرة النبوية إلى المدينة المنورة، بدأت الدولة الإسلامية تثبِّت أركانها، وترسي أسسها، فبرزت وسائل إعلامية أخرى عديدة، كالوفود الخارجية والداخلية، وكتبه صلى الله عليه وسلم إلى الملوك وسادة القبائل، وصلح الحديبية، ورسله وبعوثه وولاته صلى الله عليه وسلم قبل وبعد فتح مكة المكرمة، وحجة الوداع… إلى غير ذلك من وسائل الإعلام.
وفي دور وجهد إعلامي بارز بذل الصحابة والصحابيات رضوان الله عليهم الغالي والنفيس لإيصال دعوة الإسلام إلى الناس، وبيان مبادئ الإسلام، وأحكامه، وآدابه، فكانوا يسمعون من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يفوتون مجلسا من مجالسه، فيبلغون ذويهم بما سمعوا، ومنهم من كان يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم صباحا ويعود مساء إلى أهله فيعلمهم ماتعلم.
كما برزت مراكز إعلامية كثيرة أيضا، ومن أهم هذه المراكز الإعلامية عاصمة الدولة الإسلامية المدينة المنورة، إضافة إلى مكة المكرمة، والبصرة، والكوفة، والشام، ومصر، إضافة إلى الأماكن التي وصل إليها الصحابة رضوان الله عليهم، كاليمن، والأندلس، والمغرب، وخراسان، وقروين وغيرهم كثير.
ويعتبر الصحابة الذين هاجروا إلى أرض الحبشة إبَّان عهد النبوَّة بإذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أول وفد إعلامي خارج الجزيرة العربية.