بعد اتخاذ التدابير اللازمة لحج عام 2020 وعام 2021 أثناء جائحة كورونا واقتصاره على أعدادٍ معينة, يأتي حج عام 2022 مُكللاً بالنجاح والتمام بعد توفيق الله , وتسديده وتأييده لحكومة المملكة العربية السعودية وتضامُن شعبها الكريم.

بعد أن بذلت المملكة العربية السعودية كامل طاقتها واستعداداتها من أجل تسهيل حج هذا العام.
ويؤكد نجاح خُطة حج هذا العام أمير منطقة مكة المكرمة, ورئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل قائلاً: يُسعدني أن أُعلن نجاح خطط حج هذا العام 1443هـ على كافة الأصعدة الأمنية والخدمية والصحية، دون تسجيل حوادث أو أمراض وبائية بين ضيوف الرحمن ولله الحمد.

وأردف قائلاً: إنّ ما نشهده من نجاحات في كل حج لم يأتِ وليد الصدفة بل كان بعد توفيق الله بفضل ما توليه قيادة هذه البلاد منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن يرحمه الله وأبنائه البررة من بعده حتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولعل اختيار مسمى خادم الحرمين الشريفين لملوك هذه البلاد خير دليل على العناية والاهتمام الذي توليه بالمقدسات وقاصديها، ولقد خصّ الله السعوديين بميزة خدمة هذه البقاع وسيواصلون العمل دون كلل أو تقاعس لتكون انموذجاً فريداً ومتميزاً”.

وتعريجاً على ما ذكره مُؤخراً صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل إن من تلك النماذج المشرفة التي خدمت وعملت وكان لها الأثر الواضح والبالغ في تسهيل الحج هم تلك الفئة المتطوعة من شباب وشابات هذه البلاد العظيمة الذين كرسوا جهودهم ووقتهم لخدمة (ضيوف الرحمن) .

إذ كان العمل التطوعي قديماً يقتصر على العمل الميداني من السقاية والإرشاد والتطويف, ولكن شمل العمل التطوعي هذه السنة تنوعاً واضحاً ضمن مُبادرات عِدّة مدعومة من قبل هيئات ووزارات ومنصات وجامعات سعودية في مجالات عدة منها: استقبال ضيوف الرحمن وإيصالهم إلى مقر سكنهم , وتفويجهم , والإسعافات الأولية, والترجمة, والإعلام وغيرها.

ولقد تراءى أمام الجميع تلك المشاهد المشرقة والرحيمة التي صورتها ونقلتها الكثير من القنوات من قبل المتطوعين وأيضاً العاملين بشكل رسمي, الذين تواجدوا في أنحاء كثيرة سواءً في الحرم الشريف أو المشاعر المقدسة أثناء أداء فريضة الحج من توزيع المياه الباردة على الحجيج ورشّها على رؤوسهم, وتوزيع المظلات وبعض الوجبات الخفيفة والهدايا, وتلك الكلمات التي كانت تحمل الكثير من الحب والطمئنة , والضحكات والابتسامة التي لا تفارق الشفاه.

ونقلاً عن بعض المتطوعين الذين شَرفوا وحَظوا بخدمة الحجيج يقول أحدهم: لقد أتيت من خارج منطقة مكة المكرمة قاصداً هذه الخدمة الشريفة التي أرجو من وراءها دعوة من الحجاج الذين قدمت لهم العون والمساعدة.

وقال آخر: ما جُزيت به في نهاية المطاف ضحكة الحُجاج ولُطف كلامهم وعباراتهم لقد كانت كفيلة بأن أنسى تعبي وانهاكي الشديد من الحر والسعي.
وأكمل قائلا: أن تتطوع لخدمة حجاج بيت الله وضيوف الرحمن وتُخلص هذا العمل لوجهه الكريم هي بمثابة وسم شرف وعزة لك.

إن مثل هذه الأعمال الخيرية لتعمل على تعزيز التكافل الاجتماعي وتقوي أواصره في المجتمع وتعمل على قيام حضارة إسلامية قوية, وهو بالأساس فطرة موجودة لدى المسلم القويم ولقد حث ديننا الحنيف على القيام بمثل هذه الأعمال التي يتعدى نفعها للغير.
وتجلى ذكرها في عدد من المواضع في القرآن والسنة فقد قال الله تعالى (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ) البقرة 158 .

وقال صل الله عليه وسلم (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ شَهْراً ).

وقد انتشرت بشكل مكثف في الآونة الأخيرة هذه الأعمال التطوعية والتي أصبحت من الأشياء الأساسية لدى الفرد حتى يخدم مجتمعه, فالبعض أصبح يتطوع سواءً في مجال عمله أو دراسته أو حتى يفرّغ نفسه من أجل المشاركة في هذه الأعمال حتى ترتبط بسيرته الذاتية.

والذي سهّل تواجد وانتشار هذه الأعمال التطوعية وجود المنصات والجمعيات الداعمة التي تشرّع أبوابها لاستقبال المتطوعين والمتطوعات وكان منها المنصة الوطنية للعمل التطوعي التابع للموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تحت شعار( فمن تطوع خيراّ فهو خيرٌ له ) التي تهدف إلى الوصول لميلون متطوع.
ومنصة التطوع الصحي, وأيضاً كُن عوناً لبرامج الأعمال التطوعية لخدمة ضيوف الرحمن بإشراف وزارة الحج والعمرة.

ومما لا شك فيه أن العمل التطوعي عملٌ سامٍ في شتى مجالاته, ويبقى أساس وركيزة في نفوس المسلمين ويجزي الله به أجراً عظيماً, وبه تحصل الفائدة الجمّة والأثر الايجابي على النفس من اكتساب الخبرات والراحة النفسية وادخال السرور على قلوب المسلمين وتوطيد العلاقات والتآزر والتكاتف المجتمعي.