قبل يومين عُقِدت قمةٌ في طهران لثلاثة رؤساء ليسوا عرباً وكان موضوع تلك القمة بحث أوضاع بلدٍ عربيٍ يفترض أنّ قيادته إن لم تكن في المقام الذي يؤهلها أن ترفض مناقشة وضع بلادها فليس أقلَّ من أن يكون لها رأيٌّ وحضورٌ في تلك القمة .
ولا شك أن إنعقاد قمةٍ مشبوهةٍ بُعيَدَ ساعاتٍ من انتهاء أعمال قمة جدّّة التاريخية الناجحة بكل المقاييس لهو أمرٌ له مدلولاته وغاياته التي لا بمكن للمتابع الأريب تجاهلها أو عدم استيعاب أهدافها .
فالدولتان الشرق أوسطيتان من الدول الثلاث وهما تركيا وإيران غير بعيدٍ أنهما من وضعا فكرة إنعقاد تلك القمة لعدة أجندةٍ تعنيهما خلاف ما يعني الرئيس الروسي بوتين تحسباً لما تتمخض عنه قمة جدة ولكي يكون لهما حضورٌ يطغى على ما لم يكن في حسبانهما من النجاح الباهر الذي حققته قيادة المملكة المحنَّكة وقادة الدول العربية والخليجية المشاركة . فأراد ابراهيم (رئيسهم ) وأردوغان كسب بُعدٍ سياسيٍ وإعلاميٍ يواكب ما قد تفرزه قمة جدَّة لذلك عرضا فكرة انعقاد قمتهم على الرئيس الروسي والذي بلا شك هو الآخر من الفطنة والدهاء بحيث لا يفوِّت فرصةً ثمينةً كهذه لعدة اعتباراتٍ أهمها أن يقول لأمريكا والغرب بأنه سبظلُّ على خارطة المشهد السياسي عالمياً ولن تفتّ من همته الحرب الدائرة في أوكرانيا باعتباره أساساً هو من بدأها .
والذي يهمُّنا أن نسلِّط الأضواء عليه حول تلك القمة هي الحالة البئيسة التي آل إليها وضع بلدٍ عربيٍ كسوريا بأن يكون وضعها بأيدي قيادات دولٍ انتهازيةٍ يعنيها في المقام الأول المحافظة على وجودها في سوريا الجريحة تحت قيادةٍ تعيسةٍ لم يجنِ شعبها منها الا الهوان والتقتيل والشتات وتشريده من وطنه الى إنحاء المعمورة .
وغير بعيدٍ أن يكون الإعلان ظاهرياً هو مناقشة التجاذبات والأوضاع التي تعيشها سوريا بينما تكون الغاية غير المعلنة والحقيقة التي يراد لها أن لا يتناولها المحللون والمتابعون للشأن السوري هو تثبيت أقدام تلك الدول في المنطقة من علوجٍ ومجوسٍ ليعارضوا مصالح الأمة العربية وليستمروا ممسكين بالسيطرة على القرار فيها كما هو حاصلٌ في بعض دول المنطقة ، وحتماً إذا استمر الخنوع والصمت من حكوماتٍ عربيةٍ عميلةٍ عن هذا التدخل السافر فالنتيجة قد تتبلور الى تقسيماتٍ جغرافيةٍ ونهبٍ لمقدرات تلك الأوطان التي ترزح تحت وطأة التدخلات الأعجمية في بعض البلاد العربية .
ترنيمة :
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرحٍ بميِّتٍ إيلام