كيف يكون لك قلب مليء بالحب والعطاء والبذل والتجاوب مع
حاجات الناس ومتطلباتهم؟
كيف يكون لك قلب يحترق ضد ذاتك.. وضد راحتك.. وضد
طموحاتك.. وضد آمالك..؟ وتتحول إلى كتلة من الأحاسيس القائمة
على طلب تقدير الناس وإعجابهم، وإنكار ذاتك من أجل ألا يتوهموا
بكبريائك أو غرورك أو كما يقال “فلان تغير، وش كبر راسه علينا..؟!”
كيف تسجل فـي مذكرتك الصغيرة اليومية معاملات وأرقاماً وأسماء
وموضوعات لأشخاص تتضمن مصالح لهم، ومتطلبات تحرص على
إنجازها والاتصال من أجلها والإلحاح لإنهائها..؟ ومعظمهم لا يُحَمِّل
نفسه مجرد الاتصال ويشكرك على صنيعك بعد أن سهلت لـه ما طلبه،
وعملت بإخلاص على تحقيق ما يريد..؟
كيف يذهب جزء من راحتك اليومية من أجل الآخرين..؟ رغم الكم
الهائل من الأعمال المناطة بك، ومع ذلك تجد وقتاً لزرع ابتسامة وإنهاء
موضوع ومساعدة محتار ورفع علامات الاستفهام عن شخص يبحث
عن الطريق!..
إنها حلاوة الحياة، أن تجد بيننا شمعة تحترق من أجل الآخرين فـي
زمن الأنانية وحب الذات!.. بل إن فـي مذكرة صاحبنا كل الأسماء وكل
المتابعات لأشخاص آخرين، وآخر ما يفكر فـيه ما يخصه..! ولهذا تجده
من متاع الدنيا فـي الصفوف المتأخرة قياساً بمن هم فـي مستوى
جاهه وعلمه وثقافته!..
إننا بحاجة إلى تعميق روح التعاون والتآلف بين أفراد المجتمع، وألا
يبخل الإنسان بجاهه ما لم يخالف ذلك نظاماً أو يحجب حقاً أو يقدم
حقاً لغير مستحق.. ولا شك بأن ذلك سيوجد تآخياً وتآلفاً وترابطاً بين
أفراد المجتمع لإقالة العثرات وجبر العبرات وستر الزلات، حتى لا يعودهناك من يشعر بالوحدة، ويمسي المجتمع مترابطاً متآخياً متعاوناً يشد
أزر بعضه بعضاً، ويساعد أفراده بعضهم بعضاً!..
إن العمل بما يخالف هوى الذات أمر مشروع لنؤْثِرَ الآخرين على
أنفسنا، ونبعد عنا حب الذات والأنانية البغيضة، ونبتعد عن المطامع
المادية الدنيوية.. مع الحرص على مساعدة الآخرين والعمل والتفكير
بالضعفاء والمحتاجين والمساكين لإسعادهم