تصف لي قريبة مظاهر زواج دُعيت إليه مؤخراً بوصول هذه المظاهر إلى حد من البذخ والإسراف والتفاخر، مما جعلها تفكر فـي الخروج من حفل الزواج خوفاً من غضب الله على ما شاهدته من
تفاخر ومظاهر تدل على نفوس مريضة غير مسؤولة وناقصة الإحساس بالآخرين، وموغلة فـي الأنانية وحب الذات والتبلد، وكأن مدننا خلت من المحتاجين والبسطاء والمساكين من الأيتام والفقراء والمعاقين حتى يصل حد (الإسراف) إلى هذا المستوى الذي يدل على سذاجة أصحابها وليس ذكائهم.. وحتى مع افتراضنا الثراء الفاحش لهؤلاء من تجارة أو إرث أو
خلافه من مصادر المال.. فهل وصل بنا حب الذات إلى هذه الدرجة من الإسراف وكأن أموالنا ستستمر بهذا السيل الذي لا ينضب..؟!
تواصل قريبتي الحديث وتصف تصميم ديكور الصالة الذي تم إعداده للاستخدام مرة واحدة، كما وتم حجز هذه الصالة الغالية الثمن لعدة أيام من أجل هذا الديكور المكلف، والذي شمل دهانات خاصة وستائر ووروداً وطاولات وممرات وإضاءات هائلة كلها أعدت للاستخدام مرة واحدة!
هذا عدا كميات هائلة من الطعام وأصنافه المتنوعة من لحوم وأسماك وخضروات وفواكه وحلويات فقد كانت فـي أعلى درجات المبالغة والتبذير.. هذا بخلاف بطاقات الدعوة المذهبة والصالات والممرات ومنصة الزواج والتسريحة والكوشة والزفة وكل ما يتبعها من مظاهر فاحشة فـي الشكل وخاوية فـي المضمون..
أما المطربون والمطربات فقد تم إحضار الأغلى ثمنا والذي قد يتجاوز الواحد منهم الربع مليون ريال فـي
الليلة الواحدة.. ناهيك عن أجور الطائرات وما يتبع ذلك.. والحقيقة أننا لا نقف حسداً أو حقداً على مثل هذه الأفعال، فالعين -والحمد لله- مليئة والقناعة موجودة، ونعلم أن الله يحب أن يرى آثار نعمته على عبده، ولكن لكل شيء أصوله وقواعده، والواثقون من أنفسهم هم الأكثر تواضعاً والأكثر عقلانية فـي تكاليف الزواج.. ولا نعلم عن مدى نجاح الزواج؛ لأن هذا فـي علم الغيب، لكن المعروف أن أكثر النساء بركة أقلهن مهراً، فإن كانت بهذه المظاهر تكاليف حفل الزفاف،، فكم ياترى بلغ مهر الزوجة؟؟
لكن وبغض النظر، فلو تخيلنا سيناريو آخر لهذا الحفل، فلو أن الزواج بلغت تكاليفه العشرين مليون ريال، قسمت مناصفة وأنفقت عشرة ملايين منها على الفقراء والمحتاجين .
أليس ذلك أحرى لبداية ميسرة وجميلة وعطوفة وحنونة لحياة زوجية سعيدة بإذن الله … حاذروا من عقوبة الله وتبسطوا وتواضعوا، وهذه دعوة
للأسر المقبلة على الزواج بعدم الانجراف إلى عقول بعض الرجال والنساء فـي مثل هذا التفاخر السيئ المبالغ به، وأن نعوّد هذين العروسين فـي بداية حياتهما على الرحمة والعطف على المحتاجين
لينشَئ أطفالهما فـي بيت من التواضع والبساطة والمحبة.