في الإعلام الرياضي ظاهرة غريبة؛ حيث الساحة مفتوحة لبعض مشجعي الأندية الذين يصنفون إعلاميين ونقادا ثم يكتشف المتلقي أن هؤلاء يمارسون التشجيع ويتنافسون في طرح فكر سطحي وخلط بين الآراء والحقائق تصل أحيانا إلى إلغاء الحقائق وتعزيز فكرة التشكيك في كل شيء، ومع تكرار هذا الطرح يجد المتلقي نفسه حائرا أو مصدقا أو منتظرا بيانات من الجهات الرسمية قد يطول انتظارها.

في كل موسم مسلسل من حلقات مفتوحة بلا نهاية تعيد حوارات لا تتوفر فيها مقومات النقد الموضوعي، تطرح آراء غير مفيدة، ترسيخ للشكوك، تأكيد لنظرية المؤامرة، إنكار لحقائق موثقة، تناقضات في الآراء تحت تأثير الميول!

هذا اللغط وخاصة حول دعم الأندية وتوثيق البطولات وعدالة المنافسة ينتظر المعلومات الصحيحة والحقائق الموثقة من قبل الجهات المسؤولة، ورغم أن كثيرا من الحقائق معروفة إلا أن بعض أصحاب الفكر المتعصب استغلوا مساحة الحرية في الإعلام الرياضي لنشر التشكيك والتعامل مع حالات النجاح والفشل تحت تأثير الميول للأندية فتكون المحصلة إسقاط أسباب الفشل على عوامل بعيدة عن أسوار النادي، والتعامل مع حالات النجاح بفكر المؤامرة!

إعلاميو الأندية – كما يطلق عليهم – لا ينتهجون النقد الموضوعي، لا يقيمون العمل الإداري والفني داخل الأندية، يختصرون الموضوع بكلام إنشائي واتهامات وأوهام لأنهم لا يمتلكون ما يؤهلهم للنقد الموضوعي بدليل أن مشاركاتهم في الحوارات الرياضية هي تنافس في التشكيك والمظلومية وطرح الآراء غير المنطقية لغرض الإثارة وكسب رضا مشجعي النادي الذي يمثله ليكون بطلا بالنسبة لهم!

إذا كان الناقد أو الإعلامي حراً في آرائه الشخصية حول أداء اللاعبين وتقييم الألقاب مثل نجم وأسطورة – وهي آراء بمثابة الاختبار لموضوعية النقد – هو حر أن يقول عن نجم له صولات وإنجازات موثقه إنه لاعب عادي، لكن هذا الناقد أو الإعلامي ليس حرا في نشر معلومات مضللة أو التشكيك في إنجازات موثقة وأرقام حقيقية، ليس حرا في توزيع الاتهامات كيفما يشاء بطريقة تغذي التعصب والاحتقان.

قليل من النقاد من يتحدث بلغة علمية وفنية وبتجرد من ميوله. تأثر بعض الإداريين في الأندية البعيدة عن الإنجازات بهذا الفكر الإعلامي غير المهني وبنظرية التآمر والمظلومية فوجدوها فرصة للدفاع عن عملهم الإداري أمام جمهور النادي من خلال إسقاط أسباب التعثر على عوامل خارجية. وحسب نظرية النقد غير الموضوعي فإن أي فريق مهما عمل على توفير مقومات النجاح، العمل الإداري، الجهاز الفني، الفريق الطبي، واللاعبين المتميزين فإنه لن ينجح بدون دعم التحكيم، هكذا يقول النقاد غير المحايدين الباحثين عن الإثارة، وهكذا يقوم الإعلام بدور سلبي غير مسؤول!

هناك حاجة ملحة لوضع خطة استراتيجية لتطوير الإعلام الرياضي بصورة تشمل الجوانب الإدارية والفنية والتقنية والكوادر البشرية. لا بد من تطوير يحقق نقلة نوعية وخاصة في موضوع الكفاءات الإعلامية التي تتوفر فيها الشروط العلمية والثقافية والتفكير الموضوعي. لقد أصبحت الحوارات الرياضية في عالم آخر لا يمت بصلة لما وصلت إليه المملكة من تطور في كافة المجالات.

الوسط الرياضي ينتظر الحقائق وتطوير الإعلام الرياضي فقد أصبح التنافس داخل الملعب أفضل من التنافس في البرامج الرياضية.