يزيد النوم غير المنتظم من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية والوفاة المبكرة، حتى إذا تم الوصول إلى العدد الموصى به من ساعات النوم ليلا، وفق ما أوردته مجلة “هيلبراكسيسنت” الألمانية. ووفقا لنتائج دراسة حديثة نشرت في “مجلة علم الأوبئة وصحة المجتمع” فإن إيقاع النوم والاستيقاظ غير المنتظم يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وقد ركزت الدراسة على فحص أشخاص تتراوح أعمارهم بين 40 و79 عاما، كما لم يكن لدى أي من المشاركين تاريخ من أمراض القلب والأوعية الدموية الخطيرة. وطلب من المشاركين ارتداء جهاز تعقب النشاط، الذي سجل بيانات عن نومهم على مدار سبعة أيام، وباستخدام هذه البيانات، قام الباحثون بحساب ما يسمى بمؤشر انتظام النوم ” آس أر إي” لجميع المشاركين.
وقد أظهرت الدراسة أن الأشخاص، الذين يعانون من عدم انتظام النوم كانوا أكثر عرضة بنسبة 26 في المئة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية الخطيرة مقارنة بالأشخاص، الذين يتمتعون بإيقاع نوم واستيقاظ منتظم. وتجدر الإشارة إلى أن المدة الموصى بها لنوم الأشخاص، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاما، هي سبع إلى تسع ساعات، وسبع إلى ثماني ساعات بداية من سن 65 فأكثر مع تنظيم إيقاع النوم والاستيقاظ. وتعد اضطرابات النوم من المتاعب الصحية الشائعة في الكِبر.
وقال اختصاصي طب النوم الألماني هيلموت فرونهوفن إن اضطرابات النوم في الكِبر تعد أمرا طبيعيا؛ نظرا لأن مراحل النوم العميق تصبح أقصر مع التقدم في العمر، وبالتالي ينام كبار السن بشكل أقل وأكثر اضطرابا ولفترات زمنية أقصر من الأشخاص الأصغر سنا.
◙ ضرورة علاج اضطرابات النوم في الكِبر ليس فقط لأنها ترفع خطر السقوط لدى كبار السن بل لأنها ترفع خطر الإصابة باضطرابات الدماغ
وأوضح فرونهوفن أن اضطرابات النوم في الكِبر قد ترجع إلى أسباب بسيطة تتمثل في أخذ قيلولة طويلة في منتصف النهار أو بعض العادات الخاطئة مثل مشاهدة أفلام مثيرة في التلفاز أو تصفح الهاتف الذكي حتى وقت متأخر ليلا. كما قد يرجع السبب في اضطرابات النوم في الكِبر إلى الرغبة المتكررة في التبول، والتي قد تقطع النوم الليلي بمعدل مرتين أو ثلاث مرات. لذا من المفيد الإقلال من السوائل قبل الذهاب إلى الفراش بنحو ساعتين.
وقد ترجع اضطرابات النوم في الكِبر إلى أمراض جسدية مثل متلازمة انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم أو اضطرابات الحركة مثل تململ الساقين. ومن جانبها، قالت اختصاصية العلاج النفسي الألمانية يوليانه ليسينغ إن أسباب اضطرابات النوم في الكِبر قد تكون نفسية مثل الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة.
وشددت ليسينغ على ضرورة علاج اضطرابات النوم في الكِبر وعدم الاستهانة بها؛ ليس فقط لأنها ترفع خطر السقوط لدى كبار السن، ومن ثم التعرض لكسور خطيرة، بل لأنها ترفع أيضا خطر الإصابة باضطرابات الدماغ وصولا إلى الخرف. ولمواجهة اضطرابات النوم في الكِبر، أوصت ليسينغ بممارسة تمارين التنفس وتقنيات الاسترخاء مثل اليوغا والتأمل واتباع طقوس معينة قبل الذهاب إلى الفراش كالاستماع إلى موسيقى هادئة أو تصفح كتاب مصور.
ومن المفيد أيضا تناول مشروب ساخن مثل الحليب بعسل النحل، والذي يمتاز بتأثير مهدّئ، بينما ينبغي عدم تناول المشروبات المحتوية على الكافيين مثل القهوة والشاي الأسود قبل الذهاب إلى الفراش بنحو ساعتين. كما ينبغي عدم تناول أغذية دسمة أو وجبات ثقيلة في المساء. ومن المهم أيضا تدفئة الأقدام جيدا قبل النوم، وذلك من خلال أخذ حمام أقدام دافئ أو ارتداء جوارب.
ومن الضروري أيضا أن تكون البيئة مثالية وتساعد على الخلود إلى النوم؛ حيث ينبغي ألا تقل درجة حرارة غرفة النوم عن 15 درجة مئوية وألا تزيد على 25 درجة مئوية.
كما ينبغي عدم تصفح الأجهزة الإلكترونية مثل الهاتف الذكي أو الحاسوب اللوحي ليلا؛ نظرا لأن الضوء الأزرق المنبعث من شاشات هذه الأجهزة له تأثير سلبي على هرمون النوم “الميلاتونين”. وشدد اختصاصي طب النوم الألماني فرونهوفن على ضرورة استشارة الطبيب إذا أصبحت اضطرابات النوم في الكِبر مزمنة، أي المعاناة منها في معظم أيام الأسبوع وعلى مدار ثلاثة أشهر على الأقل، وذلك لتحديد السبب الحقيقي الكامن وراءها والخضوع للعلاج المناسب.