(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) صدق الله العظيم.
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره؛ فقدت الأسرة التربوية والتعليمية في محافظة وادي الدواسر؛ يوم السبت الرابع من شهر رجب 1446هـ الموافق الرابع من شهر يناير 2025م واحداً من أبرز رجالاتها المخلصين الأستاذ والمربي الفاضل محمد بن سيف جابر آل خريص؛ بعد معاناة مع مرض الفشل الكلوي؛ والذي لا يشكل رحيله خسارة على التعليم والتربية فحسب ؛ بل إن رحيله – رحمه الله – خسارة فادحة على المجتمع الذي كان يعيش فيه ؛ فقد بذل نفسه وأفنى حياته من أجل تربية الأجيال ؛ وكان له دور فاعل في التربية والتعليم معلماً ومديراً وقائداً كشفياً وتربوياً عمل خلالها بإخلاص وكفاءة وتفاني في جميع المناصب والمواقع التي تسنمها؛ كما كان له آياد بيضاء على الكثير من أعمال الخير؛ والتوسيع على الناس في كثير من الأمور التي أعرفها ويعرفها غيري عنه؛ كما نذر نفسه وماله للفقراء والمحتاجين والمعوزين؛ والذي شكلت وفاته في حناجر كل من عرفه غصة، وفي القلوب ألماً جعل الله ما قدم رفعة له في الدرجات.
لقد عرفتُ “أبا خالد” منذُ صغري طالباً في المرحلة الابتدائية وربما يعود ذلك إلى عام 1396هـ؛ وكان حينها – رحمه الله – معلماً للتربية في الفنية في مدرسة القويز الابتدائية؛ والتي كانت مدرسته تُشكل منافساً لمدرستنا النويعمة الابتدائية في المسابقات والمعارض الفنية؛ وكنت أقابله كثيراً داخل المدارس بحكم هوايتي الفنية؛ أو حتى بحكم علاقة الصداقة بين أجدادي لأبي وأجداده من أسرتهم الكريمة الذين كانت الروابط بينهم قوية ومتينة فكانت تعجبني فيه اتصافه بالحكمة وبعد النظر وسداد الرأي؛ لتُسرع خطى الأيام واصبح طالباً عنده بالمرحلة المتوسطة عام 1398هـ؛ ليكون معلمي عن قرب وقائدي الكشفي الذي أُدين له بالكثير سواء في العمل الكشفي الذي منحني فيه الثقة وجعلني عريف أول للفرقة الكشفية طيلة دراستي بالمرحلة المتوسطة، أو باعتباره معلم مادة التربية الفنية التي أميل اليها واجد نفسي فيها ، بل لا أبوح سرا إذا قلت أنه هو من وجهني إلى الالتحاق بمعهد التربية الفنية للمعلمين عام 1401هـ؛ً لأصبح فيما بعد معلماً لتلك المادة التي أعشقها؛ وتكون هي مستقبلي الوظيفي.
لقد كرس “أبا خالد” حياته عندما كان على رأس العمل الوظيفي لخدمة طلابه ؛ وسعى جاهداً ليكون لهم الأب قبل أن يكون المعلم؛ كما كان قدوة لنا في العمل الكشفي الذي أحببناه نحن ذلك الجيل من خلاله؛ خاصة واننا تحت قيادته لم نعد ننافس على مستوى المحافظة فقط بل تعدى ذلك إلى المنافسة على مستوى المملكة من خلال مسابقة التفوق الكشفي المركزية التي كانت تُقيمها وزارة المعارف ذلك الوقت؛ كما كان مضرب للمثل وهو يتولى قيادة العديد من المدارس سواء الثانوية أو المدارس الليلية ومدارس تعليم الكبار؛ حيث امتاز بشخصية فريدة اثرت فيمن تعامل معه فيما بعد فقد كان ذا شخصية تتقبل الرأي الآخر؛ وصاحب مآثر محمودة؛ يعرف كيف يتواصل مع الغير وشرح ما يريد تنفيذه بطريقة سهلة للفريق الذي يعمل معه؛ صاحب قدرة على بناء فريق العمل والاستفادة من مهارات كل شخص يتميز أو يتصف بمهارة مُعينة من أجل بناء فريق قوي؛ لديه ثقة كبيرة في نفسه الأمر الذي يجعل من يعملون معه يثقون به أكثر؛ كما كان يتمتع بروح الدعابة التي جعلت منه شخصية معروفة في المجتمع بتجاوز المشكلات التي يواجهها ببساطة من خلال تلك الصفة؛ فضلاً عن تواضعه ؛ وإنسانيته المعهودة عنه.
رحم الله أستاذي وقائدي أبا خالد والحقه بالصالحين، والهمنا والهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.
مبارك بن عوض الدوسري
@mawdd3