• 02:52:02am

أحدث الموضوعات

رجال تمنيّتُ اللقاء بهم

تعليقات : 0

أصداء الخليج
بقلم | محمد المبارك

قليل هم الرجال الذين يتركون بصماتهم الإنسانية والأدبية والثقافية بعد رحيلهم وكم تمنينا اللقاء بهم قبل أن ينتقلوا من هذا العالم الفاني ، ولاشك أن منهم العدد غير اليسير من هذا الوطن الغالي.

فكم تمنينا اللقاء في الجانب الأدبي بشخصيات كان لها اسمها وباعها في الحراك الثقافي كشاعرنا الكبير طاهر زمخشري ذلك الرائد المبدع البارز الذي تنوّر بمكة المكرمة وولد بها ، ونما شاعراً كاتباً وإعلامياً ؛ تمنيتُ اللقاء به فرغم معاصرتي له لم يحالفني الحظ بأن أرى (بابا طاهر).    

وليتني قابلت الدكتور السفير غازي القصيبي الشاعر الكاتب الروائي والسياسي ذلك الذي أجبر الكثير على حب ومتابعة كتاباته وشخصيته العملاقة فكثير ما كنت أتابع ما يكتبه إلى درجة أنني أفردت في مكتبتي رفاً خاصاً لمؤلفاته.    

وكنت أتمنى أن أقابل الأديب القدير عبد القدوس الأنصاري ذلك الصحفي المخضرم لكثرة ما سمعت باسمه وقرأت عنه رغبت في مشاهدة شخصه الكريم لأني كذلك عاصرته فلقد ولدت عام 1971م ، أما هو فقد رحَلَ إلى جوار ربه عام 1983م ، وخلّف إرثاً ثقافياً ثريّاً والذي منه تأسيس مجلة المنهل (وهو صاحب أول عمل روائي في المملكة ؛ رواية (التوأمان) ، عام 1349هـ )(1).

ونبقى مع شخصية المقال ، شخصية استثنائية عملاقة تستحق ما لقبت به ، شخصية تمنيّت بكل ود وشوق أن أراه أنه (علّامة الجزيرة) الشيخ حمد الجاسر هذه الشخصية التي لم يبقَ أحد من القاصي والداني إلا وسمع بها وجهودها الأدبية والثقافية والعلمية والجغرافية والتاريخية .. وغيرها ، مما امتازت به هذه الشخصية الفذة.

تمنيّتُ لو التقيت هذه الشخصية لما لها من أثر كبير على جميع المستويات المذكورة في جميع أنحاء الوطن العربي وليس على مستوى الوطن فحسب فالشيخ حمد الجاسر له مكانته العلمية المميزة (فقد كان عضواً فاعلاً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة وفي المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في عمّان وعضواً مراسلاً في مجمع اللغة العربية بدمشق ومجمع اللغة العربية الأردني والمجمع العراقي في بغداد ، وغيرها من المجاميع اللغوية والعلمية والإعلامية والصحفية فهو من أنشأ مؤسسة اليمامة الصحفية التي أصدرت مجلتنا الغراء اليمامة وهي أول مجلة تصدر في الرياض عام 1952م)(2).

تمنيّتُ اللقاء بالشيخ حمد الجاسر بما تربطه بمحافظة الاحساء علاقة وثيقة حيث زارها منذ أكثر من ثمانية وثمانين عاماً وكيف أثنى ثناءً كبيراً عليها وعلى أهلها من طيب وسعة أخلاق وكرم ضيافة فيها ، وقد رآها كذلك حتى قال عنها أنها (مهد حضارة منذ عصورها القديمة ، وأساس حضارة العلم ، ولما جاء الإسلام كان لأهلها من فضل السبق ما هو معروف)(3).

وقد أسهب الشيخ الجاسر في كتابه (من سوانح الذكريات) في التعريف بالاحساء وتاريخها وشخصياتها وعلمائها ومدارسها حتى ناهز هذا التعريف ما يفوق الخمسين صفحة تقريباً.

تمنيّتُ أن ألتقي بعلامة الجزيرة لما له من إسهامات وطنية كباحث ومؤلف خلّف العديد من الكتب التي حملت اسمه والتي تغطي الكثير من الحقول في شتى مجالات العلم والمعرفة وأدب الرحلات والسير وبما أنه قدّم كل هذا فقد انبرى بعض الكتّاب لتسجيل انطباعاتهم عن شخصية هذا العملاق فكتب بعضهم :-

– عبدالله بن محمد أبابطين :-

(كان من الرعيل الذين أعجب بهم شباب العقدين ؛ ولذا حرص على حيازة جميع كتبه وكتاباته)(4). 

– وقال الأديب الكبير عبدالله بن إدريس :- (يعد الشيخ حمد الجاسر نادرة من نوادر الزمان لا يجود الزمان بمثلها إلا على فترات متباعدة)(5).

وبعد هذا العطاء وهذه المسيرة وهذا الثناء على الشيخ الجاسر لابد من أن تدعم هذه المسيرة بالتكريم ، وفعلاً فقد كرّم عدة مرات من عدة جهات من أبرزها :-

منحه جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1404هـ ، وكذلك منحه وسام التكريم من مجلس التعاون الخليجي عام 1410هـ .

حصوله على وسام الملك عبد العزيز عندما اختير الشخصية السعودية المكرمة في المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) ، عام 1415هـ.

نال الدكتوراه الفخرية من جامعة الملك سعود ، عام 1416هـ ، كما نال جائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي ، عام 1416هـ ، وغيرها من الجوائز من داخل المملكة وخارجها.

رحم الله علّامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر الذي وافته المنية في (يوم الخميس 16 رجب 1421هـ ، الموافق 14 سبتمبر 2000م)(6).

تمنيّتُ لو كنت التقيت بهؤلاء الأفذاذ قبل رحيلهم ؛ فاللقاء بهم شعلة مجد تضيء الطريق لأمثالنا ، نسأل الله لهم كما أمتعوا الناس بعلمهم وأدبهم أن يمتعهم بالسرور والحبور في جنات النعيم.

 

* الهوامش :-

(1)- ويكيبيديا ، الموسوعة الحرة على الانترنت.

(2) – المصدر السابق.

(3)- الجاسر ، حمد – من سوانح الذكريات ، ج2 ص 661 – مراجعة وتعليق عبد الرحمن الشبيلي – ط\ 1 ، 1427 – 2006 – إشراف مركز حمد الجاسر الثقافي.

(4) – الثقافي ، مركز حمد الجاسر – حمد الجاسر في عيون الآخرين ، ص 53 – ط\1 ، 1424هـ  \ 2003م.

(5) – المصدر السابق ، ص69.  

(6)- ويكيبيديا ، الموسوعة الحرة على الانترنت.

أضف تعليقك

برجاء الكتابة باللغة العربية فقط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    سلمان بن أحمد العيد الحفاظ على التراث الثقافي السعودي في عصر العولمة
    زاوية رئيس التحرير : سلمان بن أحمد العيد

    بقلم | محمد المبارك

    يوسف الذكرالله

    يوسف أحمد الحسن

    بقلم | فيصل خزيم العنزي

    بقلم : خالد فاروق السقا

    بقلم : د . سامح البحيري

    بقلم : سامي بن حمد الشامي

    بقلم | فهد الطائفي

    بقلم / يوسف الذكرالله

    التغريدات