عندما يقرأ الناس من كتاب ورقي أو رقمي فالقراءة تبقى قراءة في الحالتين مع بعض الفروق بين الاثنتين في بعض الجوانب، منها التشتت الذي قد يحصل من قراءة الكتب الرقمية، وذلك من الروابط التشعبية (hyperlinks) الموجودة فيها، التي تغري القارئ بالضغط عليها من أجل التوسع في المعلومات حول نقطة ما. كما أن لها بعض السلبيات التي لا مجال لذكرها هنا، والتي منها التأثير في جودة النوم من أثر ما يسمى (الضوء الأزرق).
أما الأثر السلبي الذي نتحدث عنه هنا فهو تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في جودة قراءة الكتب الرقمية. حيث تشير نتيجة دراسة أجريت على عدد من مستخدمي بعض تطبيقات الأجهزة الذكية (مثل الرسائل النصية والفيسبوك)، من أعمار 18 إلى 24 عامًا، تأثرهم من استخدامهم لها. ويتمثل التأثر في الاستخدام المتكرر والمتواصل لهذه الوسائل في أنه ومع مرور الوقت “يتعامل الناس مع النصوص الرقمية بعقلية تتناسب مع وسائل التواصل الاجتماعي غير الرسمية، ويبذلون جهدًا ذهنيًّا أقل مما يبذلونه عندما يقرؤون النصوص المطبوعة”، حسب ما جاء في موقع sciencedirect.com)).
ولتوضيح أكثر فإن قارئ النصوص الرقمية، وبالخصوص ما هو مكتوب في وسائل التواصل، تمر عليه معلومات من كل حدب وصوب بمستويات متنوعة ومن جهات موثوقة وغير موثوقة، ولذلك فإنه لا يأخذ جميع ما يرد فيها على محمل الجد، وهو أمر له ما يبرره. لكن التخوف هو من انعكاس هذا السلوك على القراءات الأخرى الرقمية (أي الجادة والموثوقة) حين يمر عليها القارئ مرور الكرام ولا يأخذها على محمل الجد أيضًا، مستصحبًا معها نفس حالة ما يُكتب في وسائل التواصل.
ولذلك فإننا ندعو هنا إلى مزيد من الضوابط والكوابح الذاتية التي ينبغي أن تتوفر لدى قارئ النصوص الرقمية التي بها يستطيع أن يتحكم في الأوقات التي يقضيها في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، وأن يعطي القراءة الجادة، الورقية منها والرقمية (الموثوقة)، حقها، وألا يطغى عليها تصفح وسائل التواصل التي رغم فوائدها فإن البناء الحقيقي لأرضية صلبة للمعرفة (للأطفال والشباب بشكل أكبر) هو في قراءة الكتب الجادة الرصينة مع الكتب التي تسمى (أمهات الكتب) من مختلف التخصصات.
*المعدة أذكى من المخ؛ فهي تستطيع التقيؤ، بينما المخ يبتلع جميع القاذورات. جنكيز أيتماتوف
منصة X:
@yousefalhasan