حين يحسن المرء اختيار الكتب التي يقرؤها فإن ذلك ينعكس جليًّا على مجمل حياته وتفاصيلها، محدثًا من الأثر ما لا تخطئه العين أبدًا. فالكتاب أحد أهم أمرين مؤثرين في حياة الناجحين (جنبًا إلى جنب مع الصحبة الجيدة)، كما قال ويقول الحكماء في العالم، وحسب الدراسات العديدة التي أجريت.
لست ضد الانفتاح في القراءة على الكتب من مختلف التيارات والأفكار، لكنّ هناك أعدادا كبيرة من الكتب لا تكفيها حياة أي شخص، ولذلك فإن عليه أن ينتقي من بينها ما هو جيد ومفيد بالنسبة إليه. ولا يوجد من هو أدرى من الشخص نفسه بالكتب التي يحتاج إليها اعتمادًا على النواقص التي يشعر بها. أما كيف يعرف هذه النواقص فبالقراءة نفسها. فحينما يبدأ بقراءة كتاب فإنه سوف يكتشف مع تقليب صفحاته إن كان ثمة طائل من قراءته، أو إن كان سوف يسد ثغرة في معارفه، أو أنه لن يضيف له شيئًا.
ولا نقصد هنا بالطبع أنه لا ينبغي على المقْدِم على القراءة أن يسأل من يثق به عن الكتب المناسبة له، فهذا مفيد جدًّا، لكنه هو في النهاية من يقرر قراءة كتاب ما من عدمها. لكن ذلك ينبغي أن يكون بحذر، وأن يستشير قلبه وعقله جنبًا إلى جنب مع من يُشير عليه حتى لا يضيع وقته في كتب قد لا يحتاج إليها.
ولا بأس من تخصيص مدة زمنية للقراءة في مجال واحد حتى تتشكل لدى القارئ رؤية شاملة حوله، قبل أن ينتقل إلى مجال آخر. وهذا التنقل بين التخصصات لا ينبغي أن يكون على حساب تخصص رئيس في خط واحد ينبغي على كل شخص أن يختطه لنفسه فيما يميل إليه من التخصصات حتى يبرع فيه ويُعرف به.
وهكذا فإن انتقاء الكتب مهارة لا يتقنها الجميع، لذا فإن علينا أن نبرع فيها وأن نحسن الاختيار، ونحسب حسابًا للكتب التي نقرأ؛ لأن وقت القراءة جزء من أعمارنا أولًا، ولأن كل ما نقرأ يؤثر بشكل ما على حياتنا، كما تؤثر نوعية الطعام على أجسامنا.
* إنهم يريدون أن يفتحوا العالم وهم عاجزون عن فتح كتاب. نزار قباني
منصة X:
@yousefalhasan