
في يوم الخامس من شوال عام 1319هـ الموافق 15 يناير 1902م بزغ فجر جديد؛ ليعلن عن ميلاد أمّة جديدة، وعصر جديد لوطن فريد من نوعه؛ على يد قائد عظيم، ومقدام.. استطاع بعددٍ قليلٍ من الرجال الأبطال المُخلصين أن يقوم هو ومن معه؛ بملحمة تاريخيّة، وأسطورية، قلّما يوجد لها مثيلاً في التاريخ، حيث أُعتبرت من أعظم، وأجرأ الحركات التي تمت في العصر الحديث؛ وذكرها الكثير من المؤرخين في العالم في العديد من الكتب، والمقالات، والوثائق. وهذا ديدن عظماء الرِجال؛ الذين يملكون موهبة العمل، والصبر عليه، والمثابرة فيه؛ حتى يصلوا إلى غاياتهم، وطموحاتهم الناجحة التي تصنع المستحيل، والمعجزات لهم، ولأمتهم.
ولعل السبب وراء تلك الإشادة بتلك الملحمة الأسطورية؛ هو حدوثها في وقتٍ كانت الدول الإستعمارية؛ تقوم بتقاسم تركة الرجل المريض؛ وهي تركة الإمبراطورية العثمانية. فلقد استطاع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يرحمه الله؛ بدهاءه، وذكائه، وحكمته؛ أن يوحّد الصفوف، ويجمع الشتات من خلال تمكنه من فتح مدينة الرياض في وقت كانت الجزيرة العربية في حالةٍ من الفوضى، والتناحر، والاقتتال. وكان الخوف، والاضطراب؛ هو السائد في ذلك الوقت.
تمكّن ذلك القائد الفذّ الملك عبدالعزيز من فرض سيطرته على العديد من المناطق في الجزيرة العربية، ونشر الأمن والاستقرار الذي فقدته لفترة طويلة من الزمن. وبدأت العديد من الدول الكبرى في العالم بالتقرّب منه، وكسب ودّه، وتمّ إبرام العديد من المعاهدات، والاتفاقيات مع جلالته؛ لما شاهدوه من أعمال عظيمة قام بها ذلك الملك المؤسس في وقتٍ وجيز؛ فأصبحوا منبهرين من أعماله الجليلة التي زادت من ثقتهم فيه؛ كرجل دولة عصري، وباني نهضة كبيرة، وحديثة في ذلك الزمان.
ولقد تمكن أبناء المؤسس يرحمه الله والذين تسنّموا، وتشرفوا بتولي الحكم من بعده؛ من بناء دولةً عصرية، وأمةً عظيمة أصبحت توازي في سرعة نموها، وازدهارها العديد من الدول المتقدمة بفضل الله عز وجل، والحكمة والسداد التي كانوا يتصفون بها.
وفي السنوات الأخيرة والقليلة الماضية أصبحت المملكة العربية السعودية واحدةً من أكثر البلدان نمواً، وازدهاراً في الكثير من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والعلمية؛ محققةً بذلك أعلى معدلات النمو والتنمية؛ جعلها تتبوأ العديد من المراتب المتقدمة في نواحي علمية واقتصادية وثقافية وسياحية؛ نالت على اثرها العديد من الألقاب والجوائز العلمية والثقافية والأدبية العالمية؛ بفضل الله عزّ وجل، والرؤية المباركة”2030”; والتي اطلقها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء يحفظه الله؛ والتي جعلت من المملكة العربية السعودية”مركزاً عالمياً” للسياحة والترفيه والثقافة، وتبادل الخبرات والمعارف والعلوم، وكذلك تواجد العديد من الشركات، والمؤسسات الإقليمية والدولية. والذي تمثلّ بافتتاح (600) شركة عالمية مقراتها بالمملكة؛ في ظل ما يتمتع به الاقتصاد السعودي من استقرار وثقة على المستوى الدولي وآفاق نمو واعدة، ووجود الكفاءات والخبرات المتميزة، علاوة على الموقع الإستراتيجي الذي تتميز به المملكة العربية السعودية. دمت ياوطني العزيز بخير.
_خبير استراتيجي مختص في العلاقات التاريخية بين الدول_