في ظل حداثة مفهوم الحياة اليوم والتطورات السريعة التي نشهدها من حولنا قد تحدث منغصات داخل أسرنا والتي نحتاج فيها مُعينا لنا لنتخطى أي مشكلة أو نتفادى وقوعها أصلاً ولكن من هو الشخص المناسب ؟ وهل نحن نستعين به فعلا لترميم علاقاتنا الأسرية التي تعد من أهم العلاقات التي نكونها في حياتنا ؟
نتعرف على هذا من خلال حوارنا مع المستشار النفسي د. عطالله العبار
بدايةً كيف يستطيع الإنسان أن يجد نفسه في أكثر من مجال وينجح فيها كلها ؟
هذا سؤال جميل, والله سبحانه وتعالى جعل للإنسان العديد من القدرات وبالإمكان اكتساب العديد من المهارات أيضاً، نجد في العصور القديمة بالذات الاسلامية _ صدر الإسلام_ أن هناك الطبيب الأديب الشاعر الفيلسوف الكيميائي .
والتخصص حقيقةً هو طريق حقيقي للإتقان, فعندما يكون الإنسان متخصص في علم معين أو جزئية تفصيلية معينة ويكون متقن لهذه الجزئية أو لهذا العلم
فلا شك أن ذلك أفضل من تشتيت نفسه وجهده بين تخصصات عدة، إذ يمكن للإنسان أن يبدع في أكثر من مجال كما أسلفت ؛لأن لديه مجموعة من القدرات، الأهم من ذلك أن يعرف الإنسان قدراته التي يبدع فيها.
لماذا لا يتقبل معظم الناس وخاصةً -الأسر السعودية- تدخل المستشار المختص في الخلافات الأسرية ؟
حقيقةً هذه ثقافة مجتمع, والإرشاد الأسري و الارشاد النفسي والارشاد التربوي هو حديث على المجتمع السعودي .
حيث أن عمره قصير ولايزال الوعي قاصر في أهمية اللجوء لمستشار في الإرشاد الأسري أو النفسي أو التربوي, لذا نحتاج إلى المزيد من ثقافة الارشاد ونشر الوعي بأهمية الارشاد الأسري وتحديداً في الخلافات الأسرية ؛لأن لذلك أهميةً كبيرة جداً للحد من المشكلات الأسرية والطلاق وإسعاد الأسر.
فنحن إذا أُشكلت علينا فتوى شرعية فسنتجه لعالم الدين، وإن واجهتنا مشكلة صحية سنذهب للطبيب، بالمقابل إذا كان لدينا مشكلة أسرية فلمن سنلجأ؟
في الحقيقة الكثير يلجأ لمصادر خاطئة أو مصادر غير مختصة أو قاصرة في هذا الموضوع , لذا علينا مسؤولية كبيرة جداً كمختصين في الارشاد الأسري وعلى وسائل الإعلام أيضاً والجهات المختصة في نشر ثقافة الارشاد الأسري وثقافة اللجوء لمختصين -بعد اللجوء لله- في حل المشكلات الأسرية .
قصور المجتمع بمفهوم الاستشارة، كيف نستطيع رفع وعي الأفراد في المجتمع بضرورة اللجوء لمستشار أسري عند حدوث مشكلة ؟
كما أسلفت في الإجابة السابقة من خلال نشر ثقافة أهمية الإرشاد الأسري في استقرار الأسر وفي الاستقرار النفسي وفي التوجيه التربوي والمهني نحن في أمسّ الحاجة إلى مثل هذه المواضيع .
وتقع مسؤولية التوعية على عاتق وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الإعلام ووسائل الإعلام وعلى مثقفيّ المجتمع والمختصين في ذلك ,نحتاج فعلاً لنشر أهمية الإرشاد الأسري في حياة الافراد والأسر والمجتمع؛لأنه ومن خلال دراسات متخصصة ثبتت أهمية وفاعلية المرشد الأسري والمرشد النفسي والتربوي والمهني في تخفيف كثير من الأعباء والضغوطات النفسية على الفرد والأسرة.
تلجأ كثير من الزوجات عند حدوث مشكلة إلى استشارة الشخص الغير مناسب مثل أختها المطلقة أو صديقتها الغير متزوجة ، ماهي الأسباب من وجهة نظرك ؟
هذه اشكالية كبيرة جداً أن تتطلب الإستشارة من غير أهلها أو من غير المختص والأسوأ أن تتطلب استشارة شخص له تجربة فاشلة فهو سيعطيك التجربة التي عاشها وستكون بالنسبة لك تجربة سلبية وهذا خطأ كبير لأن الأشخاص يختلفون في تجاربهم.
لذا يجب التوعية في أن الاستشارة يجب أن تؤخذ من شخص مختص أولاً وإن لم يتيسر المختص فعلى الأقل من شخص محايد أو شخص له تجربة جيدة أو ناجحة حتى لا تستمر التجارب الفاشلة وتجعل كثير من الشباب والفتيات ممن هم في سن الزواج العزوف عنه .
لذا أنصح نفسي والجميع -بعد تقوى الله- أن تؤخذ الاستشارات من أصحابها المختصين مباشرةً أو من أصحاب التجارب الناجحة حتى نستفيد من تجاربهم.
هل يكون الطلاق مثلاً أو التفكك الأسري أو العنف ،هو من نتائج عدم الالتحاق بدورات التأهيل للزواج ؟
لا, ليس بالضرورة لكن دورات تأهيل المقبلين على الزواج أثبتت فاعلية كبيرة وكفاءة في التقليل من نسب الطلاق والمشاكل الأسرية واضفاء السعادة على الحياة الزوجية, وأنا أنصح المقبلين والمقبلات على الزواجالالتحاق بهذه الدورات.
وبالإمكان أيضاً حضور دورات مابعد الزواج مثل: سنة أولى زواج, واستقبال طفل, و١٠ سنين زواج ,و٢٥ سنة زواج, ودورات ما قبل التقاعد أو التخطيط للتقاعد, كل هذه مهارات تكتسب من خلال حضور هذه الدورات ولها -بعد توفيق الله- مردود إيجابي على من يحضرون هذه الدورات.
الفئة المنسية ذكرت أنك مؤسس لجمعية تعدد –وهي تحت الترخيص- حدثنا عن أهداف الجمعية وفئتها المستهدفة وخدماتها ؟
فكرة إنشاء جمعية تعدد نبعت من إحساس وشعور بمعاناة ملايين ممن فاتهم سن الزواج والمطلقات والأرامل.
للأسف لدينا عدم اهتمام بهذه الفئة خصوصاً أن التركيز موجود لدينا على بعض الشرائح دون هذه الفئة فليس لديها جمعية أو مهتمين أو متحدثين ينقلون معاناة هذه الفئة لصانع القرار أو للمخطط الاستراتيجي أو لمقدم الخدمات.
لكن ليس لدينا جمعية تهتم بهذه الملايين ما بين ما يسمى بالعوانس أو من فاتهن قطار الزواج ومطلقات وأرامل.
فلماذا لا يكون هناك جمعية مرخصة ورسمية تتحدث بإسم هذه الشريحة الكبيرة والعزيزة علينا في المجتمع؟
بالنسبة لأهداف الجمعية فهي
1)_ نشر ثقافة التعدد الصحيح، فالتعدد موجود من قبل الإسلام وجاء الإسلام وقنن التعدد وحدده بأربعة، والله سبحانه وتعالى خلق الذكر والأنثى وهو أعلم بما يصلح أحوالهم(ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)حاشا لله!
لذا نحن نسعى إلى نشر ثقافة التعدد الصحيح المبني على القدرة البدنية والقدرة المادية للرجل ,والقدرة على ضبط المشاعر والانفعالات والقدرة على العدل وقيادة أكثر من أسرة هذه كلها تساعد -بإذن الله- في نجاح زواج المعدد،لأننا لسنا بحاجة لزيادة نسب الطلاق أو للتعدد المبني على ردة الفعل والإعجاب المؤقت أو على التحدي بين الأصحاب .
2)_ تدريب وتأهيل الراغبين على التعدد, ففي كل مهنة نحتاج إلى مجموعة من المعارف تساعدنا في اتقان هذه المهارة ،والتعدد كذلك لذا نحن نحتاج لإقامة دورات لمن يرغب في التعدد أو فشل في التعدد، أو لمن فشلت في زواجها الأول وترغب في تأهيلها لزواج ثاني سواءً معدد أو غير معدد.
3)_ تشجيع الرجال الراغبين في التعدد وحث النساء على القبول فيه كأحد الحلول لمشكلة العنوسة والطلاق .
4)_ اجراء الدراسات الاجتماعية والمسوح الميدانية على المعددين وعلى نسب الطلاق وكل ما يتعلق في هذا الجانب.
الفئة المستهدفة في الجمعية هي ٤ فئات وهن: العوانس اللاتي تجاوزت أعمارهن ٣٠ سنة ولم يتزوجن، المطلقات الصغيرات ومتوسطات العمر، والأرامل من ذات الفئة العمرية، وذوات الاحتياجات الخاصة، هذه الفئات المستهدفة في الجمعية بالإضافة إلى الرجال الراغبين في التعدد.
خدمات الجمعية كما أسلفت التدريب وإعادة التأهيل والتوفيق بين الراغبين في الزواج سواءً الرجال أو النساء اللاتي يقبلن بالتعدد .
سطحية استخدامنا للانترنت،كيف يستطيع التعلم الإلكتروني أن يتفوق خاصةً وأن معظم الناس يعتقدون أن الشبكة العنكبوتية اليوم ترفيهية بالدرجة الأولى؟
للأسف استخدامنا الشبكة العنكبوتية سطحي جداً بعبارة أخرى نحن نستخدمه للترفيه.
بينما هو العالم بين يديك تستطيع أن تبحث وتقرأ وتجد من المعلومات القيمة جداً في أي مجال يهمك, أيضاً تستطيع أن تحصل على دورات وأعلى الشهادات عن طريق التعلم الالكتروني وانت في بيتك او في اي مكان في العالم.
نحن بحاجة للتوعية في هذا المجال بحاجة إلى أن نوعي الشباب أن التعليم عن بعد سيصبح أهم مصادر التعلم في القريب العاجل.
وسيصبح أيضاً أهم مصدر لفرص العمل فقد لا نحتاج في المستقبل إلى مباني تعليمية ويتحول التعليم الى اليكتروني بالتالي نوفر كثير من المصروفات التي نصرفها على التعليم التقليدي.
” بعض المُربين لديهم قصور في مفهوم التربية ” ما رأيك في هذه العبارة؟
صحيحة للأسف ونسبة كبيرة من المربين سواءً الأباء أو الأمهات أو أولياء الأمور أو بعض المعلمين لديهم قصور في مفهوم التربية، معتقدين أن التربية هي الرعاية البدنية والحماية وتوفير المسكن والمأكل والملبس فقط، وأن التربية تختلف عن ذلك بكثير فالرعاية يشترك فيها الإنسان وجميع المخلوقات.
نحن بحاجة للمزيد من الجهود في التوعية بأهمية التربية المبنية على المفهوم الصحيح للتربية لدينا كمسلمين وديننا الحنيف كله تربية للإنسان قبل أن يولد ,فنحن بحاجة إلى تغير مفهوم كثير من أفراد المجتمع من الأباء للأمهات وللمربين وأئمة المساجد فنحن بحاجة لتظافر هذه الجهود لنشر مفهوم التربية الصحيحة.